كان النبي ~
صلى الله عليه و سلم ~ يمارس سلوكيات العدالة والمساواة في أدق تفصيل حياته
اليومية، مع الغريب والقريب، في السفر والحضر، كمدين وكدائن .. بل نراه
إيجابيًا عندما شارك في تأسيس هيئة خيرية تعنى بنصرة المظلوم !
يقول "مولانا
محمد علي" :
"وفي معاملات
النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ مع الآخرين لم يكن يضع نفسه على مستوى
أرفع من غيره البتة. كان يضع نفسه على قدم المساواة مع سائر الناس . وذات
يوم، وكان قد احتل في "المدينة" مقاماً أشبه بمقام الملك، وفد عليه يهودي
يقتضيه ديناً ما ، وخاطبه في جلافة وخشنونه قائلاً : إن بني هاشم لا يردون
أيما مال اقترضوه من شخص آخر . فثارت ثائرة عمر بن الخطاب لوقاحة اليهودي ،
ولكن الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ عنفه ذاهباً إلى أن الواجب كان
يقتضي عمر أن ينصح كلاً من المدين والدائن : أن ينصح المدين - الرسول ~
صلى الله عليه و سلم ~ - برد الدين مع الشكر ، وأن ينصح الدائن بالمطالبة
به بطريقة أليق . ثم دفع إلى اليهودي حقه وزيادة، فتأثر هذا الأخير تأثراً
عظيماً بروح العدل والإنصاف عند الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ ، ودخل في
الإسلام."
"وفي مناسبة
أخرى وكان مع أصحابه في أجمة من الآجام ، حان وقت إعداد الطعام ، فمهد إلى
كل امرئ في القيام بجانب من العمل، وانصرف هو نفسه إلى جمع الوقود . لقد
كان برغم سلطانه الروحي والزمني يؤدي قسطه من العمل مثل رجل عادي . وكان
يراعي ، في معاملته خدمه ، مبدأ المساواة نفسه، وقال أنس : " خدمت رسول
الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ عشر سنين فما قال لي أف قط ، وما قال لشيء
صنعته لم صنعته ، ولا لشيء تركته لم تركته. " .
ولقد كان
رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ من مؤسسي حلف الفضول، الذي ما أُوسس إلا
لنصرة المظلوم ونشر العدل بين الناس، فتحرك رسول الله في إيجابية شديدة في
دعم وتأييد
هذه الحلف، وقال عنه:
" شهدت حلف
المطيبين مع عمومتي - و أنا غلام - فما أحب أن لي حمر النعم و أني أنكثه " .
وقال : "لقد
شهدت مع عمومتي في دار عبدالله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم
ولو أدعى به في الإسلام لأجبت " .