أما في الديانة المسيحية، فلا يجب أن ننسى مقولة سيدنا عيسى
بن مريم عليه السلام عندما قال أنه لم يأتي ليغير الناموس وإنما أتى ليتمم (متى 5: 17). وباعتبار أن غطاء الرأس كان عادة طيبة
حسب الشريعة اليهودية، تحث عليه تعاليمها ونصوصها الدينية، فلا يوجد داع
إذن للاعتقاد أن عيسى بن مريم عليه السلام جاء ليغير هذه العادة الطيبة
خصوصا وأنه قال بنفسه أنه ما جاء ليغير شرعة موسى عليه السلام وإنما
ليتممها. وتأكيدا لكون أن غطاء الرأس أمر ضروري أيضا حسب الديانة المسيحية
سنعرض رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس من العهد الجديد، حيث جاء في الإصحاح الحادي عشر
في الفقرات من 3 إلى 10 ما يلي:
"أُريدُ
أنْ تَعرِفوا أنَّ المَسيحَ رأْسُ الرَّجُلِ، والرَّجُلَ رأْسُ المرأةِ،
والله رأْسُ المَسيحِ. فكُلُّ رَجُلٍ يُصَلي أو يَتَنَبَّأُ وهوَ مُغَطَّى
الرّأْسِ يُهينُ رأْسَهُ، أيِ المَسيحَ، وكُلُّ اَمرأةٍ تُصلي أو
تَتَنبَّأُ وهِـيَ مَكشوفَةُ الرّأْسِ تُهينُ رأْسَها، أيِ الرَّجُلَ، كما
لَو كانَت مَحلوقَةَ الشَّعرِ. وإذا كانَتِ المرأةُ لا تُغَطِّي رأْسَها،
فأَولى بِها أنْ تَقُصَ شَعرَها، ولكن إذا كانَ مِنَ العارِ على المرأةِ
أنْ تَقُصَ شَعرَها أو تَحلِقَهُ، فعلَيها أنْ تُغَطيَ رأْسَها. ولا يَجوزُ
لِلرَّجُلِ أنْ يُغَطيَ رأْسَهُ لأنَّهُ صُورَةُ الله ويَعكِسُ مَجدَهُ،
وأمَّا المرأةُ فتَعكِسُ مَجدَ الرَّجُلِ. فَما الرَّجُلُ مِنَ المرأةِ،
بَلِ المرأةُ مِنَ الرَّجُلِ، وما خَلَقَ الله الرَّجُلَ مِنْ أجلِ
المرأةِ، بَل خَلَقَ المرأةَ مِنْ أجلِ الرَّجُلِ. لذلِكَ يَجِبُ على
المرأةِ أنْ تُغطِّيَ رأسَها علامَةَ الخُضوعِ، مِنْ أجلِ المَلائِكَةِ"
طبقًا للمسيحية .. من لا تغطى رأسها يحلق شعرها
وكهذا
نجد أنه من واجب المرأة، خلافا للرجل، وحسب الديانة المسيحية، أن تغطي شعر
رأسها وإلا فيجب أن يحلق. ويمكننا أن نعلم مدى أهمية الحجاب في الديانة
المسيحية ليس فقط بالتعمق في تاريخ هذه الديانة بل بمجرد مشاهدة الراهبات
في الكنائس المسيحية، حيث يلبسن ليس فقط الحجاب بل ما يشبه الملابس
الإسلامية الكاملة التي ترتديها المرأة المسلمة. فلو لم يكن الحجاب مهما في
المسيحية لما كان على الراهبات ارتداؤه داخل الكنائس وخارجه. كما يجب أن
نلاحظ أن صورة مريم العذراء أم سيدنا عيسى عليه السلام كانت دائما ترسم في
الفن المسيحي مرتدية الحجاب، مما يعني أنه ميزة أساسية ومقدسة في الديانة
المسيحية.
وقد علق القديس بول في خصوص النساء المحجبات
وقال أن الحجاب يمثل إشارة سلطة الرجل، الذي هو صورة ومجد الرب على المرأة
التي خلقت من الرجل وله. كتب القديس ترتوليان في رسالته المشهورة 'عن حجاب
العذارى': " أيتهن الشابات إنكن ترتدين الحجاب في الشارع، لذا يجدر بكن
ارتداؤه في الكنيسة، وعندما تكن مع غرباء، ثم بين إخوتكن.." ومن ضمن
القوانين الكنسية للكنيسة الكاثوليكية اليوم، هناك قانون يطالب النساء
بتغطية رؤوسهن في الكنيسة .
كما أن بعض الطوائف المسيحية كالأميش والمينونايتيين على سبيل المثال أبقت
نسائهن محجبات حتى يومنا هذا. وسبب الحجاب، كما يعرضه زعماء كنائسهم أن
"غطاء الرأس رمز خضوع المرأة للرجل وللرب"، و هو نفس منطق القديس بول في
العهد الجديد