كان
رجلا يحب الحق والعدل ويحكم به ، لا تأخذه في الحق لومة لائم ، فما كان
يجامل أحدا لجاهه أو ماله أو نسبه , بل كان الضعيف قويّا
عنده حتى يأخذ له حقه وكان القويّ ضعيفا عنده حتى يسترجع منه
حق غيره .
وبلغ
من عظمة عدله وتمسكّه بالحق أن لا يجامل حتى أحبّ الناس إليه, فقد حدث أن
سرقت امرأة وجيهة في قومها واستحقت عقوبة جريمتها، فذهب أهلها إلى رجل من
أتباعه - هو من أحب الخلق إليه - ليتوسّط لهم في رفع الحكم
عنها, فذهب الرجل وعرض الأمر على الرسول , فغضب محمد غضبا شديدا من سعي رجل
لإنتهاك حرمة العدالة بعد أن عرف الإسلام , ولو كان هذا الشخص من
أحبّ الناس إليه.
فعن
عائشة قالت : إن قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا:ومن
يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله ، فكلمه أسامة ، فقال: رسول الله
: ( أتشفع في حد من حدود الله ؟ ثم قام فخطب ، ثم قال:إنما أهلك الذين
قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا
عليه الحد ... )